القلب بيت والعين بابه، ولا يدخل لص البيت إلا والباب مفتوح، فإذا دخل سرق حلية الإيمان وجوهر التقوى، وترك القلب خرابًا في خراب، فاحذر هذا اللص فإنه خفيف الحركة تكفيه لحظة واحدة ليتسلل –لحظة واحدة فقط- ولهذا لما سئل النبي عن نظر الفجأة قال: «اصرف بصرك» 1.
أي أحكم إغلاق الباب وضع عليه حراسة أمن مشددة من جنود المراقبة، ولا تفتحه ولو لحظة واحدة، عندها يدب اليأس إلى قلب إبليس فيرجع خائبًا ويتركك سالمًا.
ولما وقع النزاع بين القلب والعين واتسعت هوة الخلاف بينهما، كل منهما يلقى باللائمة على الآخر فيما حل من سقم ومن ألم تحاكما إلى الجسم الذي حكم بإدانة العين:
قلبي يقول لطرفي: هجت لي سقمًا والعين تزعم أن القلب أنكاها
والجسـم يقسـم أن العيـن كاذبــــــة هي التي هيَّجت للقلب بلواها
ولكن العين رفعت القضية للاستئناف فتم عرض النزاع مرة أخرى، وبعد المداولة أصدر القاضي حكمًا بالإدانة لكليهما، وجاء في حيثيات الحكم: العين والقلب شريكان في جريمة قتل واحدة تقاسما فيها الأدوار.
أنــا ما بيــن عدويـــــــن هما قلبي وطرفي
ينظر الطرف ويهوى الـ قلب والمقصود حتفي
العين وحدها جنت لكن الجسد كله عوقب!!
عيني جنت فعلام تُحرِق أضلعي أبما جنى جارٌ يُعذَّب جار
([1]) رواه مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي عن جرير بن عبد الله كما في ص ج ص رقم (1014).
|
اضف تعليقك