قال النبي موصيًا أبا أيوب: «إذا قُمتَفي صلاتك فصَلِّصلاة مُودِّع» 1.
يريد أن يقول لأبي أيوب ولمن جاء بعد أبي أيوب: قم إلى صلاتك وظلال الموت تغمرك، وأنفاس ملك الموت تمازج أنفاسك، يوشك أن يبتدرك فيقبض روحك فور تسليمك فهي آخر صلواتك، وخاتم عهدك بدنيا البشر، وإيذان بقرب طي صحيفتك وفراغ حفظتك، فأدها أداء من علم أنه ليس بينه وبين القدوم على ربه غير التسليم.. عندئذٍ تخشع.
ولأهمية الوصية يكررها النبي، ولكن هذه المرة إلى أنس فيقول له: «اذكر الموت في صلاتك، فإن الرجل إذا ذكر الموت في صلاته لحريٌّأن يحسن صلاته» 2.
كان لأبي حلال العتكي طريقة عجيبة في اقتلاع حشائش الدنيا من قلبه قبيل الصلاة، وغرس أشجار الآخرة بدلاً منها، يهزها فتساقط من ثمار الخشوع رطبًا جنيًّا، لكنه كريم لا يمنع فضله عن غيره، فطن يريد أن يصيب أجورًا كثيرة بعبادة وحيدة، لذا كان يأتي فوق غرفة فيأتي بعض أبوابها فيشرف على شق من ناحية الحي فينادي: يا فلان بن فلان (من الأموات)، ثم يقبل على الشق الآخر فيقول مثله، حتى يأتي على الأركان الأربعة، ثم يقول"هَلۡ تُحِسُّ مِنۡہُم مِّنۡ أَحَدٍ أَوۡ تَسۡمَعُ لَهُمۡ رِكۡزَۢا" [مريم: 98]، ثم يقبل على الصلاة وقد استقر ذكر الموت في قلبه وقلب من سمعه 3.
لكن .. هل تعلمون ما أقصى أمنيات ميِّت؟!
اسمعوا على لسان نبيِّكم يا مضيِّعي الخشوع اليوم ..
روى أبو هريرة أن رسول الله مرَّ بقبرٍ فقال: «من صاحب هذا القبر؟» فقالوا: فلان، فقال: «ركعتان أحبُّ إلى هذا من بقية دنياكم» 4 ، وفي رواية قال: «ركعتان خفيفتان مما تحقرون وتنفلون، يزيدها هذا في عمله، أحب إليه من بقية دنياكم» 5.
([1]) رواه أحمد وابن ماجة عن أبي أيوب كما في (ص ج ص) رقم (742).
([2]) رواه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس، وحسنه الألباني في (ص ج ص) رقم (849).
([3]) حلية الأولياء (3/ 105).
([4]) رواه الطبراني، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (391).
([5]) رواه ابن المبارك، وصححه الألباني في صحيح الجامع (3518
|
اضف تعليقك