الحميد
الحمد نشيدنا الدائم حتى بعد دخول الجنة
أولًا: معنى الحميد:
الأول: المحمود على كل الأحوال:
قال الخطابي:
«(والحميد) هو المحمود الذي استحق الحمد بأفعاله، وهو فعيل بمعنى مفعول، وهو الذي يُحمَد في السراء والضراء، وفي الشدة والرخاء؛ لأنه حكيم لا يجري في أفعاله الغلط، ولا يعترضه الخطأ، فهو محمودٌ على كل حال»().
ولذا كان رسول الله ^ حامدًا على كل حال كما في الحديث:
«كان إذا أتاه الأمر يسُرُّه قال: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وإذا أتاه الأمر يكرهه قال: الحمد لله على كل حال»().
فالمؤمن يحمد الله في الحالين، وفي كلا الوجهين: اليسر والعسر، فعطاؤه يستوجب الحمد، ومنعه يستوجب الحمد.
في حديث سعد بن أبي وقاص قال:
قال رسول الله ^:
«عجبتُ من قضاء الله عزَّ وجلَّ للمؤمن، إن أصابه خير حمد ربَّه وشكر، وإن أصابته مصيبة حمد ربَّه وصبر، المؤمن يؤجر في كلِّ شيء حتى في اللقمة يرفعها إلى فِــــيِّ امرأته»().
لكن كيف يصل العبد إلى هذه الدرجة العالية الرفيعة؟!
كيف يحمد ربه (الحميد) إذا ما وقع به البأس الشديد؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو يأخذ بيديك في مدارج الرضا:
«والحمد على الضراء يوجبه مشهدان:
أحدهما: علم العبد بأن الله سبحانه مستوجبٌ ذلك، مستحقٌّ له بنفسه، فإنّه أحسنَ كلَّ شيء خلقه، وأتقن كلَّ شيء، وهو العليم الحكيم، الخبير الرحيم.
والثاني: علمُه بأنّ اختيارَ الله لعبدِه المؤمن خيرٌ من اختياره لنفسه»().
الثاني: الحميد: حمدُه يستدعي حمدَه
قال رسول الله ^:
«ما أنعم الله تعالى على عبد نعمة، فقال: الحمد لله. إلَّا كان الذي أُعْطِيَ أفضل مما أخذ»().
لأن قول الحمد لله نعمة من الله، فلولا توفيقُ الله وإعانتُه لما قام بحمده أحدٌ، والمحمود عليه كذلك نعمة من الله، وهي ما تسمى بالمتوالية الشكرية اللا نهائية، فقد روى ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر عن بكر بن عبد الله:
«ما قال عبدٌ قط الحمد لله، إلا وجبت عليه نعمة بقوله: الحمد لله، فما جزاء تلك النعمة؟ جزاؤها أن يقول الحمد لله، فجاءت أخرى، ولا تنفد نعم الله عز وجل»().
لكن بعض النعم أجلُّ من بعض، فنعمة الشُّكْر مثلًا أعظم من نعمة المال والولد والجاه.
قال ابن رجب:
«المرادُ بالنِّعمِ: النِّعمُ الدنيويةُ، كالعافية والرزق والصحة ودفع المكروه، ونحوِ ذلك، والحمدُ هو من النعم الدينية، وكلاهما نعمةٌ من الله، لكن نعمة الله على عبده بهدايته؛ لشكر نعمه بالحمد عليها أفضل من نعمه الدنيوية على عبده، فإنَّ النِّعم الدنيوية إن لم يقترن بها الشكرُ كانت بليَّة، كما قال أبو حازم: كلُّ نعمة لا تقرِّب من الله، فهي بلية»().
والحمد من العبد هو من فضل الله عليه، فإنك تجد الكثيرين من الغافلين يتضجَّرون من واقعهم ويجزعون، ولا يحمدون الله، وإن ذُكِّروا به، فلا يُوَفَّق للحمد إلَّا من وفَّقه الله.
الثالث: الحميد يُضاعِف ثواب حمدك أضعافًا لا نهائية
انظر هذه التحميدات البسيطة التي يحمدك (الحميد) عليها حمدًا كثيرًا تشجيعًا لك على مزيد الحمد اللساني المؤدي إلى حمد الجوارح والقلب:
عن أنس بن مالك قال:
قال رسول الله ^:
(من قال إذا أوى إلى فراشه:
الحمد لله الذي كفاني وآواني.
الحمد لله الذي أطعمني وسقاني.
الحمد لله الذي مَنَّ عليَّ وأفضلَ، اللهم إنِّي أسألك بعزَّتك أنْ تُنَجِّيَني من النّار؛ فقد حَمِدَ الله بجميع محامدِ الخلقِ كلِّهم) ().
وفي حديث أبي أمامة عن الحمد المضاعف البالغ ما لا يبلغه أي حمد...
«ألا أدلك على ما هو أكثر من ذكرك الله الليل مع النهار؟
تقول: الحمد لله عدد ما خلق، الحمد لله ملء ما خلق، الحمد لله عدد ما في السموات وما في الأرض، الحمد لله عدد ما أحصى كتابه، والحمد لله على ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء، وتسبِّح الله مثلهن، تَعلَّمهن، وعَلِّمهن عَقِبك من بعدك»().
وحديث ثالث:
(قال رجلٌ: الحمدُ لله كثيرًا، فأعظَمَها الملَكُ أن يكتُبَها، وراجع فيها ربه عز وجل، فقيل له: اكْتبها كما قالَ عبدِي: كثيرًا) ().
الرابع: يحمد عمل العبد ولو كان حقيرًا
وهذه أعمالٌ غير الحمد من أعمال الخير يضاعف (الحميد) ثوابها، ويمنحك عليها فوق ما تستحق:
«بينما رجل يمشي بطريق، وجد غصن شوك على الطريق فأخَّرَه، فشَكَر الله له، فغَفَر له»().
وفي حالة تناول الطعام وهي عادة متكررة يوميًّا، وفي حالة لبس الجديد، شرع (الحميد) لك الحمد، وأجزل مكافأتك.
«من أكل طعامًا، ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام، ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة؛ غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه، ومن لبِس ثوبًا، فقال: الحمد لله الذي كساني هذا، ورزقْنيه من غيرِ حولٍ مني ولا قوة؛ غُفِر له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر»().
الخامس: المحمود على كمال شرعه
يقول الإمـام ابن كثير:
«وهـو (الحميد) أي: المحمود في جميع أفعاله وأقواله، وشرعه، وقَدَرِه»().
فما من أمر أمرنا الله به إلَّا وفيه كمال الخير، وما من نهيٍ نهانا عنه إلَّا رحمةً بنا من آثاره المدمِّرة، واسمعوا خمس نواهي لو أصبناها لنالنا الشر العظيم والبلاء المبين، ومن كرم (الحميد) أن أرشدنا إليها لنحذرها، وهدانا إليها نبينا وطبيب قلوبنا لنجتنبها، ولما غفلنا عنها أصابنا أذاها ووَباها:
«يا معشر المهاجرين،
خمسٌ، إذا ابتليتُم بهِنَّ.. وأعوذ بالله أن تدركوهن:
لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلَّا فشا فيهم الطاعون، والأوجاع التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا.
ولم ينقصوا المكيال والميزان إلَّا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة وجور السلطان عليهم.
ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلَّا مُنعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا.
ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلَّا سلط الله عليهم عدوًّا من غيرهم، فأخذوا بعض ما في أيديهم.
وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيَّروا مما أنزل الله إلَّا جعل الله بأسهم بينهم»().
السادس: المستحِق للحمد، ولو لم يحمده أحدٌ
ويبين ابن القيم:
«وأما (الحميد) فلم يأت إلَّا بمعنى المحمود، وهو أبلغ من المحمود، فإن فعيلًا إذا عُدِلَ به عن مفعول- دلَّ على أن تلك الصفة قد صارت مثل السجيَّة والغريزة والخُلُق اللازم، كما إذا قلت: فلانٌ ظريفٌ وشريفٌ وكريمٌ.
ولهذا كان حبيبٌ أبلغ من محبوب؛ لأن الحبيب الذي حصلت فيه الصفات والأفعال التي يحب لأجلها، فهو حبيبٌ في نفسه، وإن قُدِرَ أن غيره لا يحبه؛ لعدم شعوره به، أو لمانعٍ مَنَعَه من حبه، وأما المحبوب فهو الذي تعلق به حبُّ المُحبِّ؛ فصار محبوبًا بحبِّ الغير له، وأما الحبيب فهو حبيبٌ بذاته وصفاته، تعلَّق به حبُّ الغير أو لم يتعلَّق»().
ويقول الشيخ السعدي:
« (الحميد) في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله، فله من الأسماء أحسنها، ومن الصفات أكملها، ومن الأفعال أتمها وأحسنها، فإن أفعاله تعالى دائرة بين الفضل والعدل»().
السابع: حمده يتجاوز حدود الزمان والمكان
ولأنه الجميل على الإطلاق، وجمال غيره مستعارٌ منه؛ ولأنه الكامل على الإطلاق، وكمال غيره البشري مستعار منه؛ ولأنه الحكيم على الإطلاق، وكل حكمة هي منه، فهو وحده المستحق للحمد الذي يتجاوز حدود المكان والزمان، وظرف هذا الحمد المكاني هو السماوات والأرض، كما قال الله عزوجل: }وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ{.
وأما ظرفه الزماني فهو الدنيا والآخرة، كما بيَّنه الله عزوجل: }لَهُ الْحَمْدُ فِي الأُولَى وَالآخِرَةِ{، فيحْمَده أولياؤه في الدنيا، ويحمدونه في الجنة، يقولون: }الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ{. }الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ{.
وذلك ابتهاجًا بفضله، والتذاذًا بحمده، ويكفيك أن الحمد هو نشيد أهل الجنة، في صحيح مسلم ومسند أحمد عن أهل الجنة:
(يُلهَمون التسبيح والتحميد كما تُلهَمون أنتم النَّفَس).
كلما قويت المعرفة بالله والإيمان به؛ صار الذكر يجري على لسان الذاكر بغير تكلف؛ ولذا يُلهَم أهل الجنة التسبيح والتحميد كما يُلهَمون النَّفَس لأنهم تجلَّى لهم كل شيء، فصار الحمد عملًا من أعمال أهل الجنة في الآخرة، وسمة مميزة لهم في الدنيا، فمن أكثر الحمد هنا في كل الأحوال أنعم الله عليه بالحمد في الجنة على أشرف الاحوال.
الثامن: الذي لا يُضاف الشر إليه بحال من الأحوال..
في الحديث: «والشرُّ ليس إليك».
فأسماؤه الحسنى تمنع نسبة الشر والسوء والظلم إليه، مع أنه سبحانه الخالق لكل شيء، فهو الذي خلق الخير والشر، ولذا جاء في تأويل هذا الحديث أربعة أقوال:
-
الأول: معناه: والشرُّ لا يُتَقرَّب به إليك.
-
والثاني: لا يصعد إليك، إنما يصعد الكَلِم الطيِّب.
-
والثالث: لا يضاف إليك أدبًا، فلا يقال: يا خالق الشَّرِّ، وإن كان خالقه، كما لا يقال: يا خالق الخنازير، وإن كان خالقها.
-
والرابع: ليس شرًّا بالنسبة إلى حكمتك، فإنك لا تخلق شيئًا عبثًا، فإن خلقته فلحكمة بالغة، وإنما هو شرٌّ ظاهرٌ بالنسبة إلى المخلوقين.
عرف ربه الحميد مَن رأى الحكمة في المضرة، ورأى العطاء في المنع، فلم يرَ شرًّا مطلقًا من الحميد.
ما عرف ربه الحميد مَن لم يرَ الحكمة في الشدائد، ونسب الشر إلى ربِّه.
ثانيًا: فادعوه بها عبادة وعملًا
أولًا: كثرة حمد الله وشكره
وهي أنواع ثلاثة:
-
أذكار الأحوال المتضمنة للحمد.
-
أذكار اليوم والليلة التي تتضمن حمده سبحانه، والثناء عليه بالثناء الحسن.
-
المحامد العامة غير المقيدة بوقت.
وإليك نماذج من المحامد العامة:
قال رسول الله ^:
«أَحبُّ الكلام إلى الله أربع، لا يضرك بأيِّهنَّ بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر»().
قال الإمام النووي في شرح صحيح مسلم:
«هذا ]الحديث وما أشبهه[ محمول على كلام الآدمي، وإلَّا فالقرآن أفضل، وكذا قراءة القرآن أفضل من التسبيح والتهليل المطلق، فأما المأثور في وقتٍ أو حالٍ أو نحو ذلك، فالاشتغال به أفضل»().
«أربع هنَّ من أطيب الكلام، وهنَّ من القرآن، لا يضرك بأيِّهنَّ بدأت: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر»().
وروى مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله ^:
«لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحبُّ إلي مما طلعت عليه الشمس»().
مرَّ بي رسول الله ^ فقلتُ:
«إنِّي قد كبرتُ وضعُفت- أو كما قالت- فمُرني بعمل أعمله وأنا جالسة، قال:
«سبِّحي اللهَ مائة تسبيحة، فإنَّها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل، واحمدي الله مائة تحميدة، تعدل لكِ مائة فرس مُسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله، وكَبِّري اللهَ مائة تكبيرة فإنَّها تعدل لك مائة بدَنة مُقلّدة متقبّلَة، وهلِّلي مائة تهليلة- قال ابن خلف (الراوي عن عاصم) أحسبه قال-: تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يُرفَع يومئذ لأحدٍ عملٌ إلَّا أن يأتي بمثل ما أتيتِ به»().
-
«إن الله تعالى اصطفى من الكلام أربعًا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فمن قال: سبحان الله كُتِبَتْ له عشرون حسنة، وحُطَّت عنه عشرون سيئة، ومن قال: الله أكبر مثل ذلك، ومن قال: لا إله إلا الله مثل ذلك، ومن قال: الحمد لله رب العالمين من قِبَلِ نفسه كُتِبَتْ له ثلاثون حسنة، وحُطَّ عنه ثلاثون خطيئة»().
-
«أفضل الذكر: لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء: الحمد لله»().
إن الحمد ثناءٌ على المحمود مع حبِّه؛ ولهذا سُئل ابن عيينة عن هذا الحديث فقيل له: كأن الحمد لله دعاء؟ فقال: أما سمعتَ قولَ أمية بن أبي الصلت لعبد الله بن جدعان، يرجو نائلة:
أأذكر حاجتي، أم قد كفاني حباؤك إن شيمتَك الحياءُ
إذا أثنى عليك المرءُ يومًا كفاه من تعرُّضِه الثناءُ
كريم لا يغيره صباحٌ عن الخلق الجميلِ ولا مساءُ
فهذا مخلوقٌ اكتفى من مخلوقٍ بالثناء عليه، فكيف بالخالق سبحانه؟!
ويؤيِّد هذا المعنى قول الله تعالى: {وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ}، فجعل الحمدَ هنا دعاءً.
عرف ربه مَن أكثر من حمده ليلًا ونهارًا ، وفي السراء والضراء.
ما عرف ربه مَن حمده في السراء دون الضراء، وفي حال دون حال.
ثانيًا: حب الله
حبًّا عظيمًا صادقًا لا يشاركه فيه أحد من الخلق، وهذه المحبة بدورها ستثمر عبوديات أخرى رائعة في القلب، كالإخلاص، والحياء، والرضا عن الله، وعبوديات اللسان والجوارح بالقيام بأوامر الله، واجتناب نواهيه.
إن اللسان جسرٌ إلى القلب، فمتى ما مرَّ عليه حمدُ الله امتلأ القلب محبة لربه، ومتى تسخَّط اللسان تسخَّط القلب، وحُرِم الرضا.
عرف ربه الحميد مَن حمده فأحبه، فأطاعه، فآثره.
ما عرف ربه الحميد من لم يحمده على جميل صنعه، فلم يصل إلى محبته.
ثالثًا: التواضع
يستحي العبد من الله تبارك وتعالى حينما يسمع المخلوقين يلهجون بحمده والثناء عليه؛ بينما يعرف جيِّدًا أن هذا الحمد إنما هو من ستر الله لعيوبه.
ولهذا قال ابن عطاء:
«من مدحك إنما مدح ستر الله عليك».
وقال سُفْيان بن عُيَيْنة:
«لولا سِتْرُ الله عزَّ وجلَّ ما جالسنا أحد»().
عرف ربه الحميد مَن تواضع إذا سمع الناس يحمدونه، ويثنون عليه.
ما عرف ربه الحميد مَن تعاظمت نفسه إذا حمده الناس، وتكبَّر إذا سمع ثناءهم.
الرابع: شجِّع غيرك على مزيد الإحسان
وكن حامدًا لغيرك ليحمدك (الحميد)
والثناء على الخلق ينمِّي فيهم جانب الخير، ويصقل مهاراتهم، ويشجعهم على الإحسان، فبدلًا من مهاجمة جانب التقصير فيهم تستطيع أن تروي بذرة الخير؛ لتنمو حتى تغطي على جانب الشر، وهو ما يسمونه التربية الإيجابية أو Positive learning، وقامت حوله الدراسات والأبحاث التي أثبتت فعاليته وجدواه في تربية الناشئة، بدلًا من أسلوب اللوم والتقريع الذي يُفقِد الإنسان ثقته بنفسه.
عرف ربه الحميد مَن حمد الفعل الحسَن من غيره، وأثنى عليه بما يشجِّع على مزيد الإحسان.
ما عرف ربه الحميد مَن لم يحمد الإحسان من غيره، فقتل بذرة الخير فيه، فلم يسترسل في إحسانه.
ثالثًا: فادعوه بها مسألة وطَلبًا
يا حميد..
لا أذكر لك إلَّا الجميل، ولم أرَ منك إلا التفضيل، خيرُك لي شامل، وصنعك لي كامل، وبِرُّك لي غامر، وفضلك دائمٌ متواتر، ونعمك منهمرة، وأفضالك مشتهرة، فلك الحمد الذي لا ينبغي إلَّا لك.
يا حميد..
لك الحمد حمدًا كثيرًا دائمًا مثل ما حمدت به نفسك، وأضعاف ما حمدك به الحامدون، وذكرك الذاكرون، وسبَّحك المسبِّحون.
يا حميد..
ألهِمْنا حمدك وشكرك كما ألهمتنا الأنفاس..
يا حميد..
ارزقنا حمدك في كل الأحوال، في الضراء والسراء، في المنع والعطاء.
يا حميد..
كما مننت عليَّ بنعمك وآلائك، فأسألك أن تمُنَّ عليَّ بتوفيقي لحمدك كما ينبغي لك.
رابعًا: حاسب نفسك.. تعرف ربَّك
هل تحمد الله على الضراء؟
هل تحافظ على حديث أبي أمامة في الحمد المضاعف؟
هل تحمد الله على ستره عليك؟
هل لك ورد يومي من حمد الله بأحب الكلام إليه (سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر)؟
هل تحمد الناس، وتشكرهم على الأفعال الحسنة في حقك، أو حق غيرك؟